قرأتُ هذه القصة عدة مرات حتى الآن.. وطلبت من الصغيرات قراءتها لي، وتناقشنا فيها كثيرًا، وفتحنا الكثير من الموضوعات من خلال أحداثها.
* هذه القصة تصف حال الإنسان عمومًا، وطريقة تفكيره الغريبة التي تمثلها مقولة:
"دائمًا ما يبدو العشب أكثر اخضرارًا على الجانب الآخر من السياج"
* هذه القصة تمثل حال الإنسان في ركضه الدائم للبحث عن السعادة، والتي يكتشف في نهاية المطاف أنه يمتلكها بالفعل منذ البداية.
* هذه القصة تمثل بشدة مصطلحات (سيكولوجية الجماهير والتفكير الجمعي وتوجيه القطيع)، وكيفية تأثير آراء الآخرين وتضخيمهم للأمور على معتقدات الفرد مما تجعله ينجر إلى آراء وأفكار أخرى.
* هذه القصة تُظهر -ضمن أحداثها- معنى مصطلح (تأثير العربة > Bandwagon Effect)، وهو تبني الأفكار بناء على كثرة الأشخاص المؤمنين بهذه الأفكار. أو بمعنى أبسط، عندما يزداد عدد الناس المؤمنين بشيء ما، فإن الآخرين يقفزون إلى العربة.
==========================
عن القصة:
(عليّ) الصغير.. تهديه والدته لُعبة جميلة يطير بها فرحًا، ولكن بعد مدة يملها، ولم يعد يحب اللعب بها، وكان يرى أن ألعاب أصدقائه الأخرى أجمل من لعبته.
فيقرر الذهاب إلى جارته (ليلى) التي تمتلك لعبة كان يظنها أفضل لعبة في العالم، لكن (ليلى) تفاجئه بأنها لا تحب لعبتها، وأنها لعبة مملة، وتدله على صديق آخر لديه (أفضل لعبة في العالم) وتظل تمدح في تلك اللعبة وتعدد مواصفاتها الرائعة.
يظل (عليّ) ينتقل من صديق إلى آخر ليعرف ما هي أفضل لعبة في العالم، ويراها، ويعرف شعور صاحبها الذي يمتلكها، ولكنه يُفاجأ في كل مرة بأن صاحب اللعبة لا يحبها رغم أن الجميع يمدحون تلك اللعبة ويتمنون امتلاكها.
في النهاية، يخبره الأصدقاء بأن أفضل لعبة في العالم موجودة في متجر الألعاب؛ لكن صاحب المتجر لا يبيعها بل يعرضها على الأرفف فقط؛ فهي للعرض وليست للبيع.
وعندما يذهب إليه ليرى تلك اللعبة المدهشة التي انتهت إليها آراء الجميع، يفاجأ بأن صاحب المتجر قد باعها!! يحزن (علي) لأنه لم يتمكن من (رؤيتها) حتى، ويعود إلى منزله ويستلقي حزينًا على سريره.
كان يفكر في تلك اللعبة التي وصفتها زميلته بأن "من يراها لا يشعر بالحزن مجددًا أبدًا، ومن يملكها لا يستطيع أن يفرط فيها"!
كان يفكر: تُرى ما شعور من يمتلكها؟ كان يحلم بامتلاكها ويتخيلها ويتذكر شكل زميلته (ياسمين) حين اتسعت عيناها من الدهشة وهي تصفها.
=================
النقاش حول القصة:
- غالبية -إن لم يكن كل- الأطفال يتصرفون مثلما تصرف بطل القصة (عليّ): في البداية يتلهفون للحصول على لعبة ما، ثم سرعان ما يشعرون بالضجر منها، ويتركونها، ويسعون للحصول على لعبة أخرى مثل صديقهم فلان.
- تكلمنا عن تأثير القطيع، وتأثير العربة، وكيف أن أغلب الناس يُخدعون بالأوصاف المبالغ فيها لنوع منتج ما أو مكان ما، ويتمنون الحصول على ذلك الشيء لا لأنهم يحتاجون إليه بالفعل؛ بل لمجرد أن الجميع يمدحونه.
- تكلمنا عن القناعة وأنها كنز لا يفنى، وعن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب".
- تكلمنا عن سعي الإنسان الدائم للحصول على أشياء أو سعادة متناسيًا الأشياء والنعم التي يمتلكها بالفعل، ومتناسيًا السعادة التي عنده.
- تحدثنا عن مدى تأثير كلام الآخرين لدرجة تجعل الشخص يصبح كالأعمى حرفيًا، ولا يتمكن حتى من رؤية الأشياء الجميلة التي يمتلكها، ولدرجة تجعله يشعر بالسخط.
- تحدثنا أيضًا عن التأثيرات التي تؤثر على اتخاذ القرارات، وكيفية التخلص من تلك التأثيرات لنصل إلى القرار الصحيح بشأن ما نشتريه أو نختاره أو نتبناه من أفكار.
- تحدثنا عن (المبالغة) و(التضخيم) في وصف الأشياء، وانتشار (الإشاعات) عن أشياء ومنتجات معينة لدرجة تجعلها كـ(الأسطورة)، مع أنها في الحقيقة أقل من ذلك بكثير.
على سبيل المثال: في القصة وصف الأصدقاء إحدى اللعب بأنها هبطت من الفضاء وتتكلم خمس لغات وتفعل وتفعل وتفعل>> ثم نكتشف على لسان صاحبة اللعبة أنها مجرد لعبة قديمة أعطاها إياها ابن عمها بعدما ملَّ منها!
====================
رسوم القصة:
رائعة جدًا جدًا، وتفتح المجال للكثير من الأسئلة، وهي غنية بالتفاصيل الجميلة.
====================
القصة جميلة فعلا على بساطتها، والحمد لله أننا نمتلك (أفضل لعبة في العالم) كما ورد في القصة، وإلا لكنّا نركض الآن لنحصل عليها هههههههههه
===================
وبدون مبالغة (لأننا نتحدث عن تأثير العربة )، أحب أن تكون هذه القصة عند جميع الأطفال؛ فهي تمثلهم بشدة، وهي تقريبًا مثل المواقف التي يتعرضون لها، وأعتقد أنها ستساهم بشكل كبير في حل الكثير من المشكلات الناجمة عن عدم تقبل الطفل للعبته أو طلبه للعبة تشبه لعبة صديقه.